Sudan Moments

وطن في مهب النزاعات المتداخلة

المشهد السياسي في السودان اليوم يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم؛ إذ لا تقتصر الأزمة الراهنة على تبعات الحرب نفسها؛ بل تمتد إلى الخلافات العميقة بين الأطراف التي يفترض أنها متحالفة في دعمها للحرب.
. الخلاف الأخير بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والداعية عبد الحي يوسف وما تبعه من انقسام داخل التيار الإسلامي يسلط الضوء على حقيقة أن هذه الكيانات ليست على قلب رجل واحد ؛رغم اتفاقها الظاهري على العداء لثورة ديسمبر.
.فالتحالفات التي نشأت في سياق العداء للثورة جاءت نتيجة لتشابك المصالح لا وحدة المبادئ…ومع استمرار الحرب؛ بدأت هذه المصالح بالتعارض بشكل علني؛ وكشفت عن حجم التناقضات بين التيارات المختلفة التي جمعتها المصالح المؤقتة فقط.
. من جهة ؛هناك تيارات تريد مواصلة الحرب لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية؛ ومن جهة أخرى تيارات اصبحت ترى أن استمرار الحرب بات خطرًا يهدد وجودها أو نفوذها.
.فالخلافات بين داعمي الحرب لا تقتصر على الخطابات أو التصريحات؛ بل تنعكس على الواقع الميداني حين يصبح الوطن نفسه ساحة لتصفية الحسابات السياسية.
.في ظل هذا الانقسام يتحول الشعب السوداني إلى ضحية مباشرة لتلك النزاعات ؛إذ تنتقل البلاد من حرب إلى أخرى دون أفق واضح للسلام…فمع كل خلاف بين هذه الكيانات، يطول أمد الأزمة وتتعقد فرص إيجاد حل شامل.
.حتى على مستوى إدارة الحرب الراهنة يظهر تباين كبير في الرؤى بين الأطراف المختلفة.. بعضهم يرى أن التصعيد العسكري هو الطريق الوحيد لحسم النزاع بينما يرى آخرون أن التفاوض أو إعادة توزيع المصالح هو الحل الأنسب..فالكتله الديمقراطية التي تشكل حاضنة الحرب الرئيسه وبسوسها الابرز أنقسمت قياداتها بين داعم داعم للحرب بشكل مبدئي وبين باحث عن السلام علي طاولات المفاوضات.
.هذه الاختلافات تضعف التنسيق داخل هذه الكيانات وتجعلها أكثر عرضة للانشقاقات الداخلية ما يزيد من تعقيد الأزمة.
إن استمرار هذه الخلافات يشير بوضوح إلى أن السودان لن يخرج من حرب إلا ليجد نفسه في أتون حرب أخرى… فالأزمة ليست مجرد صراع على السلطة أو النفوذ ؛ بل أزمة عميقة تتعلق بغياب رؤية وطنية جامعة.
.إذا استمرت هذه الأطراف في إدارة الصراع بناءً على المصالح الضيقة فإنّ الوطن سيكون الخاسر الأكبر ..وسيوالي الشعب السوداني دفع الأثمان الياهظه لهذه الصراعات المتداخلة.
.إنّ عمق الهوة بين التيارات التي جمعتها المصلحة المؤقتة لا يمكن أن يُبنى عليه مشروع وطني يؤدي الي حل الأزمه..بل الي تجذر المشكله وإذدياد تعقيدها