لم تكن الحرب التي أشعها الإسلاميين إلا فصلاً جديدًا من المأساة التي أُلقيت فوق كاهل هذا الوطن وأهله.. فقد صمموا على إشعال فتيلها ثم أصروا على تأجيجها واستدامتها غير مكترثين بالخراب الذي أحدثته في حياة الناس وأحلامهم.
..وها هم الآن قبل أن تضع الحرب أوزارها يتصارعون على السلطة كأنما يقتسمون غنيمة لم تُدنِ لهم ؛متناسين كل المآسي التي خلفتها حروبهم العبثية.
..يتنازعون على مقاعد السلطة فوق جماجم الموتى؛ غير عابئين بأنين الجرحى أو نواح الثكالى ونشيج الأرامل وبكاء الأيتام.
..مشهد يدعو للأسى والغضب؛ إذ لم ينتظروا حتى تهدأ نيران الحرب أو تجف الدماء التي أسالها صراعهم الطائش.
هؤلاء الذين يدّعون تمثيل الأمة وكرامتها ومصالحها هم أول من طعنها بخناجر أطماعهم..إذ لم تكن دماء الضحايا بالنسبة لهم سوى وقود لحربهم على السلطه.. ولم تكن صرخات المعذبين سوى خلفية صاخبة لصراعهم المقيت.
..والأدهى أن الصراع الذي يدور بينهم لا يحمل أي ملامح لرؤية مستقبلية أو مشروع وطني يُخرج البلاد من مستنقعها..إنما هو تنازع على مكاسب شخصية؛ وسعي محموم لحجز مكان في السلطة قبل أن تنجلي غيوم الحرب..
..إن الصراع على السلطة بينما الدماء ما زالت تسيل والجراح لم تندمل يكشف بوضوح عن الانفصال الأخلاقي للإسلاميين الذين يتصارعون الأن على قيادة الحزب بعد ان خُيّل لهم ان رياح عودتهم الي السلطة قد هبّت..
..كيف لهم أن يغضو الطرف عن الأطفال الذين تيتموا..والنساء اللواتي ترملن..والمدن التي تحولت إلى أنقاض؟
إن التاريخ لن يرحم أولئك الذين استغلوا دماء شعوبهم لتأمين مواقعهم في هرم السلطة. فالشعوب لا تنسى..والذاكرة الوطنية تحفظ جيدًا من وقف مع الوطن ومن وقف ضده.
..في ظل هذا المشهد المأساوي؛ لا بد أن يرتفع صوت العقلاء والمخلصين من أبناء هذا الوطن.
.. يجب أن تتوحد الجهود لمحاسبة كل من كان له دور في إشعال الحرب أو إطالة أمدها.. وألا يُسمح لهؤلاء المتصارعين بأن يحددوا مصير البلاد وشعبها.
..السودان اليوم بحاجة إلى نهج جديد يعيد بناء الثقة بين أبناء الوطن..وينهي هذا الصراع العبثي على السلطة؛فلا مكان لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء في مستقبل هذه الأمة.