Sudan Moments

السودان ومصر: شراكة تاريخية تتجاوز المحن

في خضم النزوح الكثيف للسودانيين إلى مصر بسبب الحرب الدائرة في السودان، فان السودان ومصر بينهم شراكة تتجاوز المحن، ظهرت بعض

لأصوات المصرية التي تعبر عن الانزعاج من هذا النزوح. ورغم أن هذه المشاعر قد تكون مفهومة بالنظر إلى الضغط الاقتصادي الذي تعانيه مصر،

إلا أن العلاقات السودانية المصرية تستدعي أن ننظر أبعد من اللحظة الراهنة، لنعود إلى صفحات مضيئة من التاريخ المشترك بين البلدين،

عندما وقف السودان مع مصر في لحظات عصيبة، مؤكداً عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين.

موقف السودان خلال حرب أكتوبر

في عام 1973، حين كانت مصر تخوض واحدة من أكثر الحروب مصيرية في تاريخها، لم يتردد السودان في تقديم الدعم بكل ما يملك. لم يكن ذلك

دعماً سياسياً أو معنوياً فحسب، بل امتد ليشمل التعاون العسكري واللوجستي المباشر. فقد استضاف السودان ومصر القوات الجوية المصرية

في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وفتح أجواءه للطيارين المصريين ليواصلوا معركتهم ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ليس ذلك فحسب، بل إن السودان استضاف الكلية الحربية المصرية على أرضه، ليوفر للجيش المصري مقراً آمناً للتدريب والتخطيط، في وقت

كانت فيه مصر بحاجة إلى كل دعم ممكن.

التضحية بحلفا من أجل بناء السد العالي

عندما قررت مصر بناء السد العالي كجزء من استراتيجيتها للتنمية، تحمل السودان تضحيات جسيمة. غُمرت مدينة حلفا التاريخية بالكامل،

ومعها مساحات شاسعة من الأراضي السودانية، لتصبح تحت مياه بحيرة السد العالي. كان ذلك القرار صعباً على السودان، لكنه قبله كجزء

من مسؤوليته تجاه الشراكة مع مصر، في تأكيد على التضامن الذي تجاوز المصالح القطرية الضيقة.

السودان ومصر: امتداد طبيعي للعلاقات

اليوم، ومع نزوح السودانيين إلى مصر هرباً من ويلات الحرب، يجب أن نتذكر أن هذه الهجرة ليست غريبة أو مفاجئة، بل هي جزء من حركة تاريخية طبيعية بين شعبين يجمعهما النيل والمصير المشترك. السودانيون في مصر ليسوا عبئاً، بل هم إخوة في الإنسانية وفي التاريخ، شاركوا مع المصريين المصاعب ووقفوا معهم في الملمات.

إن العلاقات بين السودان ومصر أكبر من أن تهتز بسبب تحديات راهنة. ما يجمع البلدين هو تاريخ طويل من الأخوة، الشراكة، والتضحيات المشتركة. اليوم، كما في الماضي، يجب أن يسود الوعي بأننا أقرب لبعضنا البعض مما نتصور، وأن مساعدة السودانيين في محنتهم ليست مجرد واجب أخلاقي، بل هي امتداد لتاريخ من الدعم المتبادل والتضامن.

رسالة أخوية للمصريين

أيها الإخوة في مصر، السودانيون الذين لجأوا إلى بلدكم اليوم هم ذات الشعب الذي فتح ذراعيه لكم في الماضي. هم شعب لا ينسى المعروف ولا ينكر الجميل. فلتكن المحنة الحالية فرصة لتأكيد روابطنا، وتعميق أخوتنا، واستحضار التاريخ المشترك الذي أثبت مراراً أننا معاً أقوى يمكنك معرفة الكثير من العناوين بواسطة موقع اخبار السودان.